صراعات المخابرات الإيرانية: حقيقة حادثة سقوط مروحية الرئيس الإيراني

إثنان من أعمدة المخابرات الإيرانية في صراعات داخلية شديدة التعقيد، لم يستطع خلالها علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، التحكم في مساراتها المتشعبة. فقد تجاوز الخلاف دائرة الولاء لولاية الفقيه إلى مرحلة إعادة ترتيب أوراق صقور المخابرات الإيرانية وفقًا لطبيعة وأهداف كل طرف.

في جمهورية إسلامية تعاني من معضلات طائفية، تُدار شؤونها السياسية والعسكرية والأمنية من قبل وزارة الاستخبارات والأمن تحت قيادة إسماعيل الخطيب منذ 20 أغسطس 2021 والحرس الثوري الإيراني بقيادة اللواء حسين سلامي منذ 21 أبريل 2019. هاتان المؤسستان متوازيتان في القوة والنفوذ، لكنهما متعارضتان في الأهداف والمصالح. ومع ذلك، يُعتبر كل منهما محسوبًا على الجناح المتشدد داخل النظام الإيراني.

خلفية الصراع:

معظم المحللين والصحافيين والباحثين الذين تحدثوا بإسهاب حول حادثة سقوط مروحية الرئيس الإيراني في منطقة جلفا البلية بمحافظة أذربيجان الشرقية شمال شرقي إيران، لجأوا إلى التفسير السهل، وهو اتهام إسرائيل أو أمريكا. لكن فهم ملابسات وخلفية واقعة اغتيال إسرائيل لاثنين من كبار قادة الحرس الثوري في سوريا يمكن أن يكشف حقيقة ما حدث.

في 20 يناير 2024، اغتيل قائد استخبارات فيلق القدس العميد محمد كاظمي، وفي 1 أبريل 2024، اغتيل اللواء محمد رضا زاهدي، العقل المدبر للحرس الثوري ورئيس فرع الحركة في لبنان وسوريا والجولان، والمرشح الأبرز لخلافة حسين سلامي. قصف إسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق أدى لمقتل زاهدي، مما أثار تساؤلات حول من قدم المعلومة الاستخباراتية لإسرائيل.

تحليل الحادثة:

في 19 مايو 2024، أُجبر الرئيس الإيراني على تدشين سد “قيز قلعه سي” على الحدود الإيرانية الأذربيجانية، في موعد متقدم عن المخطط. هذا التسريع لم يكن ليحدث دون تنسيق استخباراتي بين قائد الحرس الثوري حسين سلامي وطرف ثالث لعب دور الوسيط مع رئيس أذربيجان إلهام علييف لإقناع الرئيس الإيراني بتعديل جدول أعماله.

عملية اغتيال إبراهيم رئيسي تبدو عملية إيرانية داخلية بنسبة 100٪، نفذها الجناح المتشدد. عناصر من الحرس الثوري وضعت متفجرات داخل المروحية، وعطلت نظام الإشارة حتى لا يتم رصدها بسرعة. بعد إقلاع المروحية، تم تفجيرها بواسطة أحد الطائرتين المرافقتين، فوق منطقة جبلية وعرة، مما جعل ربط الحادثة بالعوامل المناخية أمرًا ممكنًا.

النتائج والتداعيات:

طلب مساعدة الدول الأجنبية للبحث عن المروحية المفقودة كان خطوة ذكية لإبعاد الشبهات. إيران، التي تملك طائرات مسيرة متطورة، لجأت إلى خدمات تركيا للبث المباشر من طائرة “أكنجي” المتطورة، مما أثار اهتمام العالم وشهد على مصير الرئيس الإيراني.

الادعاءات بتورط مجتبى خامنئي في اغتيال إبراهيم رئيسي عارية عن الصحة، حيث قرر علي خامنئي قبل ستة أشهر إلغاء الحكم الوراثي واستبعاد رئيسي من قائمة المرشحين لخلافته.


التخلص من الرئيس الإيراني كان خطوة استباقية نفذها الجناح المتشدد للحيلولة دون إصدار قرار رئاسي بإقالة حسين سلامي.

Exit mobile version